كــثرة الســـــؤال /قال تعالى [ ياأيها الذين آمنوا لا تسألوا عن اشياء ان تبد لكم تسؤكم ] المائدة
كان بعض الناس يكثر على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من السؤال عن أشياء لم يتنزل فيها أمر ولا نهى , وطلب تفصيل أمور اجملها القرآن , أو في أستفسار عن أمور لا ضرورة لكشفها .
اخرج الدارقطنى عن ابى عياض عن أبى هريرة قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ( ياأيها الناس كتب عليكم الحج ) فقام رجل فقال : أفى كل عام يارسول الله ؟ فأعرض عنه . . ثم عاد فقال : أقى كل عام يارسول الله ؟ فقال ـ صلى الله عليه وسلم : ( ومن القائل ) قالوا : فلان , قال ـ صلى الله علي وسلم ( والذى نفسى بيده لو قلت : نعم .. لوجبت ولو وجبت ماأطقتموها ولو لم تطيقوها لكفرتم ) فأنزل الله تعالى [ ياأيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء ... ]
في حديث اخرجه مسلم في صحيحه عن أنس ـ عن النبى ـ صلى الله عليه وسلم ( فوالله لا تسألونى عن شىء إلا أخبرتكم به مادمت في مقامى هذا ) فقام اليه رجل فقال : أين مدخلى يارسول الله ؟ قال : ( النار ) فقام عبد الله بن حذافة فقال : من أبى يارسول الله ؟ فقال ـ صلى الله عليه وسلم ( أبو حذافة ) .. .. قال ابن عبد البر : عبد الله أبن حذافة أسلم قديمأً , وهاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية , وشهد بدراً , وكانت فيه دعابة ! وكان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أرسله إلى كسرى بكتاب رسول الله ... ولما قال : من أبى يارسول الله ؟ قالت أمه : ماسمعت بأبن أعق منك ... أأمنت ان تكون أمك قارفت ماقارف نساء الجاهلية فتفضحها على أعين الناس ! فقال : والله لو ألحقنى بعبد أسود للحقت به .
وفى الصحيح عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ( ذرونى ماتركتم فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم وأختلافهم على انبيائهم )
كان أهل الكتاب من قبل يشددون على أنفسهم بالسؤال عن التكاليف والأحكام فلما كتبها الله تعالى عليهم كفروا بها ولم يؤدوها , ولو سكتوا وأخذوا الأمور باليسر الذي شاءه الله تعالى لعباده ماشدد عليهم , وماأحتملوا تبعية التقصير والكفران .. كقصة البقرة , والسبت الذي طلبوه ولم يطيقوه .
وفى الصحيح قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ( إن الله تعالى فرض فرائض فلا تضيعوها , وحد حدود فلا تعتدوها , وحرم أشياء فلا تنتهكوها , وسكت عن أشياء رحمة بكم ـ غير نسيان ـ فلا تسألوا عنها )
وفى صحيح مسلم عن عامر أبن سعد عن أبيه قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ( إن أعظم المسلمين في المسلمين جرماً .. من سأل عن شىء لم يحرم على المسلمين فحرم عليهم من اجل مسألته )
عن أبى هريرة عن النبى ـ صلى الله عليه وسلم ( من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرأً أو ليصمت .. ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره , ,من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليكرم ضيفه ) روا البخارى ومسلم
قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا أو ليصمت ) قال الشافعى : معنى الحديث : إذا اراد أن يتكلم فليفكر .. فإن ظهر انه لا ضرر عليه تكلم , وإن ظهر أن فيه ضرراً أو شك فيه أمسك .
وقال الأمام أبو محمد بن أبى زيد أمام المالكية في زمنه بالمغرب : جميع آداب الخير تتفرع من أربعة أحاديث : قول النبى ـ صلى الله عليه وسلم ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت ) ( من حسن أسلام المرء تركه مالا يعنيه ) وقوله للذى أختصر الوصية ( لا تغضب ) , ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه مايحب لنفسه )
ونقل عن أبى القاسم القشيرى أنه قال : السكوت في وقته صفة الرجال , كما أن النطق في موضعه من أشرف الخصال , قال : وسمعت أبا على الدقاق يقول : من سكت عن الحق فهو شيطان أخرس , وكذا نقله في حلية العلماء من غير واحد
وفى حلية الأولياء : أن الإنسان لا ينبغى له أن يخرج من كلامه إلا مايحتاج إليه .. كما أنه لا ينفق من كسبه إلا مايحتاج إليه .. وقال : لو كنتم تشترون الكاغذ للحفظة لسكتم عن كثير من الكلام
ويقال : من سكت فسلم , كمن قال : فغنم
وقيل لبعضهم : لم لزمت السكوت ؟ قال :لإنى لم أندم على السكوت قط , وقد ندمت على الكلام مرارا
1 ـ السؤال عما لا ينفع في الدين
2 ـ أن يسأل مايزيد عن الحاجة كسؤال الرجل عن الحج : أكل عام ؟
3 ـ السؤال من غير احتياج إليه في الوقت , ويدل عليه ( ذرونى ماتركتم )
4 ـ أن يسأل عن صعائب المسائل وشرارها , كما جاء في النهى عن الأغلوطات
5 ـ أن يسأل عن علة الحكم في التعبدات
6 ـ أن يبلغ بالسؤال حد التكلف والتعمق .. كسؤال بنى اسرائيل عن البقرة وماهى ومالونها ؟
7 ـ أن يظهر من السؤال معارضة الكتاب والسنة بالرأى , ولذلك قال سعيد : أعراقى أنت ؟
8ـ السؤال عن المتشابهات و ومن ذلك سؤال مالك عن الأستواء
9 ـ السؤال عما حصل مع السلف , وقد قال عمر بن عبد العزيز : تلك دماء كف الله عنها يدى فلا ألطخ بها لسانى
10 ـ سؤال التعنت والأفحام وطلب الغلبة في الخصام .. ففى الحديث ( أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم )
**** أقوال الأمام الشاطبى من محاسن التأويل للقاسمى 6 / 2176 ****
# كان عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ يلعن من سأل عما لم يكن ـ ذكر الدارمى في مسنده .
# وروى عن على ـ رضى الله عنه ـ :
يموت الفتى من عثرة لسانه *** وليس يموت المرء من عثرة الرجل
فعثرته من فيه ترمى برأسه *** وعثرته بالرجل تبرأ على المهل
ومما قيل :
قد أفلح الساكت الصموت *** كلامه قد يعد قوت
وأكل نطق له جواب *** جواب مايكره السكوت
واعجبا لإمرىء ظلوم *** مستيقن أنه يموت